الوسيط في القانون الدولي العام ج 3 (حقوق الانسان)

ISBN 9789957168933
الوزن 0.800
الحجم 17×24
الورق ابيض
الصفحات 360
السنة 2015
النوع مجلد

كان الاعتقاد العالمي السائد قبل القرن العشرين هو أن معاملة الدولة لمواطنيها تخرج على نطاق القانون الدولي، لأن الفرد سواء وحده أم على شكل مجموعة كان مجرد هدف لقانون الأمم لا أحد رعاياه. غير أن أسرة الأمم باتت منذ الحرب العالمية الأولى أكثر إدراكاً لضرورة ضمان الحد الأدنى لحقوق الفرد، وبالتالي أصبحت حقوق الإنسان موضوع اهتمام كبير وجاد في بعض الأحيان لدى الرعايا التقليديين للقانون الدولي وبدأ الفرد يظهر إلى حد ما على الأقل كأحد رعايا ذلك القانون، لأنه مقصود لذاته بهذه العناية على اعتباره عضواً في المجتمع البشري وبصرف النظر عن جنسيته أو ملته. وحقوق الفرد التي يتعرض لها القانون الدولي العام هي تلك الحقوق الطبيعية الأساسية المتصلة بشخصه كآدمي والتي يستوي بالنسبة لها جميع بني الإنسان. ولقد كانت الحرب العالمية الثانية مسرحاً لأبشع سلسلة من الجرائم التي ارتكبت ضد الجنس البشري في جميع العصور، وقد ارتكبت هذه الجرائم إشباعاً لنزعة عنصرية إجرامية جامحة، ودون أن يكون لها أي مبرر من ضرورات الحرب، فانتهكت حرمة الإنسان وأهدرت الحياة البشرية بشكل لم يسبق له مثيل، وبلغ عدد الضحايا عدة ملايين من النفوس البريئة بين رجال ونساء وأطفال من مختلف البلاد التي وطأتها أقدام القوات النازية. واستعمل في تنفيذ هذه الجرائم مختلف الوسائل الوحشية من قتل بالجملة رمياً بالرصاص أو بالغاز الخانق أو عن طريق المجاعة إلى سوء التغذية المستمر، مع فرض أشغال متوالية فوق الطاقة البشرية، إلى الحرمان من العناية الطبية والجراحية وفرض عقوبات وحشية، إلى التعذيب بكافة أشكاله، ويشمل الكي بالنار ونزع الأظافر والعمليات التجريبية على الكائنات البشرية الحية. هذا بالإضافة إلى الأعمال الأخرى التي اعتدي بها على حرية الأفراد وأموالهم؛ كإبعاد السكان ونقلهم بالجملة من بلادهم، وكتعبئة العمال جبراً للعمل في ألمانيا، وكحمل السكان المدنيين على ترك وطنهم للعمل في مجهود الحرب الألماني وغير ذلك. وكان من الطبيعي أن يتجه الاهتمام بعد انتهاء الحرب إلى إنزال العقاب أولاً بالمسؤولين عن هذه الجرائم، وقد تم ذلك بعد محاكمات أجريت في جميع البلاد التي كانت مسرحاً لها، وفي محاكمة رئيسة تناولت كبار رجال الحكومة النازية، محاكمة نورمبرج، واتجه الاهتمام ثانياً إلى إيجاد الضمانات الكفيلة بحماية حياة الإنسان وحريته وحقوقه من مثل هذا العبث في المستقبل. وقد مهد لذلك ميثاق الأمم المتحدة حينما ذكر في ديباجته أن: (شعوب الأمم المتحدة تؤكد إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد)، ونص في مادته الأولى على أن تعمل هيئة الأمم المتحدة على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وبلا تفريق بين الرجال والنساء، ثم تكرر بعد ذلك النص على ضرورة احترام حقوق الإنسان عند الكلام عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وعلى الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي وعلى نظام الوصاية. وقد كان من نتيجة كل هذه النصوص أن أصبح من المقرر أن المسائل المتصلة بحماية حقوق الإنسان تخرج عن نطاق الأمور المتصلة بصميم الاختصاص الداخلي، وتخضع لإشراف دولي. ولتحقيق حماية إيجابية لحقوق الإنسان بدأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي بذل جهود منذ سنة 1946 للوصول إلى اتفاقات متعددة الأطراف بواسطة لجنة لحقوق الإنسان كهيئة صياغة. وفي النهاية أقرت الجمعية العامة في 10 كانون الأول سنة 1948 (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) دون معارضة وبامتناع ثماني عن التصويت (الكتلة السوفيتية ويوغسلافيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا)، وانطوت الخطوة التالية على وضع صيغ المعاهدات عرفت باسم (العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية). تبنت الجمعية العامة الوثائق الثلاث التي تمثل في الواقع تحقيق (القانون الدولي لحقوق الإنسان)، ومنذ أن تبنت الجمعية العامة هذه الوثائق عام 1966 والأمم المتحدة مستمرة في اعتماد الصكوك الدولية المتعددة الأطراف والمتعلقة بحقوق الإنسان.

الصفحةالموضوع
17 تمهيد
الباب الأول
حقوق الإنسان في وقت السلم
24 الفصل الأول: مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان
25 المبحث الأول: الشريعة الإسلامية
31 المبحث الثاني: الوثائق الدولية المعاصرة العالمية
34 أولاً: ميثاق الأمم المتحدة
36 ثانياً: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
40 ثالثاً: العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان
42 رابعاً: الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان
44 الفصل الثاني: حقوق الإنسان المحمية بالصكوك الدولية
45 المبحث الأول: الحقوق المدنية والسياسية
45 أولاً: الحق في الحياة والحرية وفي أمان الفرد على نفسه
54 ثانياً: إبطال الرق والممارسات الشبيهة بالرق
62 ثالثاً: تحريم صور معينة من السخرة أو العمل الإلزامي
64 رابعاً: الحماية من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
67 خامساً: الحماية من التعرض للاعتقال والاحتجاز التعسفيين
69 سادساً: حقوق الإنسان في مجال إقامة العدل
71 سابعاً: حق كل فرد في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده
72 ثامناً: حق التملك
73 تاسعاً: حرية الفكر والوجدان والدين والمعتقد
74 عاشراً: حرية الرأي والتعبير
75 حادي عشر: الحرية النقابية بما في ذلك الحقوق النقابية
79 ثاني عشر: حق كل فرد في أن يشارك في حكومة بلده
81 المبحث الثاني: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
82 أولاً: الحق في العمل
84 ثانياً: الحق في التعليم
86 ثالثاً: الحق في الصحة
89 رابعاً: الحق في غذاء كاف
91 خامساً: الحق في الإيواء الكافي والخدمات الكافية
92 سادساً: الحق في الثقافة
94 سابعاً: الحق في بيئة نظيفة
95 ثامناً: الحق في التنمية
96 تاسعاً: تحسين الحياة الاجتماعية
96 عاشراً: حقوق الإنسان والنظام الاقتصادي الدولي الجديد
98 الفصل الثالث: الإشراف على تنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان
101 المبحث الأول: المنظمات الدولية الحكومية
101 أولاً: الجمعية العامة
105 ثانياً: مجلس الأمن
108 ثالثاً: المجلس الاقتصادي والاجتماعي
110 رابعاً: مجلس الوصاية
110 خامساً: محكمة العدل الدولية
111 سادساً: الأمانة العامة
115 سابعاً: الهيئات المكلفة بمراقبة تنفيذ المعاهدات
121 المبحث الثاني: الوكالات المتخصصة
122 أولاً: منظمة العمل الدولية
124 ثانياً: منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة
126 ثالثاً: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة
128 رابعاً: منظمة الصحة العالمية
131 الفصل الرابع: آلية لرصد تنفيذ الحقوق المدنية والسياسية
132 المبحث الأول: اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة عام 1977م
133 أولاً: وظائف اللجنة
133 ثانياً: البروتوكول الاختياري الأول
135 ثالثاً: أنشطة اللجنة
137 رابعاً: المشاكل التي واجهتها اللجنة
139 المبحث الثاني: اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
139 أولاً: طرق عمل اللجنة
140 ثانياً: أنشطة اللجنة
142 المبحث الثالث: المنظمات غير الحكومية
147 أولاً: اللجنة الدولية للصليب الأحمر
152 ثانياً: منظمة العفو الدولية
167 الفصل الخامس: الحماية الإقليمية لحقوق الإنسان
168 المبحث الأول: النظام الأوروبي لحماية حقوق الإنسان
168 أولاً: مجلس أوروبا
170 ثانياً: الأجهزة القائمة على تطبيق الاتفاقية
175 المبحث الثاني: النظام الأمريكي لحماية حقوق الإنسان
175 أولاً: ميثاق المنظمة
177 ثانياً: الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان
183 المبحث الثالث: النظام الأفريقي لحماية حقوق الإنسان
183 أولاً: الميثاق الأفريقي الخاص بحقوق الإنسان والشعوب
184 ثانياً: اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
187 المبحث الرابع: حماية حقوق الإنسان في الدول العربية
188 أولاً: إعلان حقوق المواطن في الدول والبلاد العربية
189 ثانياً: مشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي
192 الفصل السادس: الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان
194 المبحث الأول: حقوق الطفل
194 أولاً: إعلان حقوق الطفل
196 ثانياً: مؤسسة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة
198 المبحث الثاني: اتفاقية حقوق الطفل
204 الفصل السابع: النهوض بالمرأة
205 المبحث الأول: موقف الشريعة الإسلامية من النهوض بالمرأة
206 أولاً: المساواة في الخلق والجنس
206 ثانياً: المساواة في العقيدة والتكليف والمسؤولية
206 ثالثاً: المساواة في إجراء عقد الزواج بالرضى والاختيار
207 رابعاً: المساواة في الأهلية القانونية
208 خامساً: الحق في العلم
208 سادساً: الحق في العلم
209 سابعاً: المساواة في الحقوق السياسية
217 المبحث الثاني: موقف الصكوك الدولية المعاصرة من النهوض بالمرأة
219 أولاً: المساواة
225 ثانياً: الحقوق السياسية ومشاركة المرأة
230 الفصل الثامن: حماية اللاجئين
231 المبحث الأول: وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى
234 المبحث الثاني: مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
236 المبحث الثالث: اللجنة التنفيذية لبرنامج مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين
237 المبحث الرابع: الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين
240 المبحث الخامس: البروتوكول الخاص بوضع اللاجئين
242 المبحث السادس: حقوق الإنسان ومشكلة اللاجئين
246 المبحث السابع: المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان
الباب الثاني
حقوق الإنسان في زمن الحرب والمنازعات المسلحة
254 الفصل الأول: القانون الدولي الإنساني
256 المبحث الأول: موقف الشريعة الإسلامية من حماية حقوق الإنسان في وقت الحرب
256 أولاً: الإسلام دعوة السلام
258 ثانياً: الباعث على القتال في الإسلام
259 ثالثاً: ما قبل المعركة
259 رابعاً: في المعركة
260 خامساً: ما يحل وما لا يحل
261 سادساً: بعد المعركة
263 المبحث الثاني: موقف الصكوك الدولية من حماية حقوق الإنسان أثناء المنازعات المسلحة
263 أولاً: التعاون الدولي من أجل تخفيف العنف والقسوة في المنازعات المسلحة
264 ثانياً: التقارير المتعلقة باحترام حقوق الإنسان أثناء المنازعات المسلحة
266 ثالثاً: البروتوكولان الإضافيان لاتفاقيات جنيف لعام 1949 المتعلقان بحماية ضحايا المنازعات المسلحة
268 رابعاً: حماية الصحفيين الذين يؤدون مهاماً خطرة في مناطق المنازعات المسلحة
269 المبحث الثالث: المركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون السيطرة الاستعمارية والأجنبية والنظم العنصرية
271 المبحث الرابع: إجراء دولي لحظر أو تقييد استعمال أسلحة معينة
271 أولاً: حظر استعمال الأسلحة النووية والنووية الحرارية
272 ثانياً: حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء
272 ثالثاً: اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر والبروتوكولات المرفقة بها
273 المبحث الخامس: التعاون الدولي لمنع الجرائم المرتكبة ضد السلم والحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والمعاقبة عليها
273 أولاً: مبادئ نورنبرغ
274 ثانياً: مشروع قانون الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها
277 ثالثاً: اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية
279 الفصل الثاني: القواعد الأساسية لحماية حقوق الإنسان أثناء المنازعات المسلحة
281 المبحث الأول: القاعدة الأولى (تقييد حرية مهاجمة الأشخاص)
283 المبحث الثاني: القاعدة الثانية (يحظر قتل أو جرح عدو يستسلم أو يصبح عاجزاً عن القتال)
284 المبحث الثالث: القاعدة الثالثة (يجمع الجرحى والمرضى ويعتنى بهم بواسطة طرف النزاع الذين يخضعون لسلطته)
285 المبحث الرابع: القاعدة الرابعة (للمقاتلين المأسورين والمدنيين الذين يقعون تحت سيطرة الطرف الخصم احترام حياتهم وكرامتهم وحقوقهم الشخصية ومعتقداتهم)
287 المبحث الخامس: القاعدة الخامسة (يتمتع جميع الأشخاص بالضمانات القضائية الأساسية)
288 المبحث السادس: القاعدة السادسة (ليس لأطراف النزاع أو أفراد قواتها المسلحة حق مطلق في اختيار طرق وأساليب الحرب)
289 المبحث السابع: القاعدة السابعة (التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين)
289 أولاً: تعريف الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية
290 ثانياً: حماية الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية
291 ثالثاً: الحماية الخاصة لأعيان معينة
الملاحق
295 الملحق الأول: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مع العهدين والبروتوكول الاختياري
302 الملحق الثاني: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
316 الملحق الثالث: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
332 الملحق الرابع: البروتوكول الاختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
337 الملحق الخامس: الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وفي البروتوكولين الاختياريين والدول التي أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة (41) من العهد حتى 29 تموز/ يوليه 1994
355 المصادر والمراجع

الكتب ذات العلاقة

كتب المؤلف

القانون     الدولي الوسيط في القانون الدولي العام ج 3 (حقوق الانسان)
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789957168933 :ISBN
الوسيط في القانون الدولي العام ج 3 (حقوق الانسان) :الكتاب
د.عبد الكريم علوان :المولف
0.800 :الوزن
17×24 :الحجم
ابيض :الورق
360 :الصفحات
2015 :السنة
مجلد :النوع
$20 :السعر
 
:المقدمة

كان الاعتقاد العالمي السائد قبل القرن العشرين هو أن معاملة الدولة لمواطنيها تخرج على نطاق القانون الدولي، لأن الفرد سواء وحده أم على شكل مجموعة كان مجرد هدف لقانون الأمم لا أحد رعاياه. غير أن أسرة الأمم باتت منذ الحرب العالمية الأولى أكثر إدراكاً لضرورة ضمان الحد الأدنى لحقوق الفرد، وبالتالي أصبحت حقوق الإنسان موضوع اهتمام كبير وجاد في بعض الأحيان لدى الرعايا التقليديين للقانون الدولي وبدأ الفرد يظهر إلى حد ما على الأقل كأحد رعايا ذلك القانون، لأنه مقصود لذاته بهذه العناية على اعتباره عضواً في المجتمع البشري وبصرف النظر عن جنسيته أو ملته. وحقوق الفرد التي يتعرض لها القانون الدولي العام هي تلك الحقوق الطبيعية الأساسية المتصلة بشخصه كآدمي والتي يستوي بالنسبة لها جميع بني الإنسان. ولقد كانت الحرب العالمية الثانية مسرحاً لأبشع سلسلة من الجرائم التي ارتكبت ضد الجنس البشري في جميع العصور، وقد ارتكبت هذه الجرائم إشباعاً لنزعة عنصرية إجرامية جامحة، ودون أن يكون لها أي مبرر من ضرورات الحرب، فانتهكت حرمة الإنسان وأهدرت الحياة البشرية بشكل لم يسبق له مثيل، وبلغ عدد الضحايا عدة ملايين من النفوس البريئة بين رجال ونساء وأطفال من مختلف البلاد التي وطأتها أقدام القوات النازية. واستعمل في تنفيذ هذه الجرائم مختلف الوسائل الوحشية من قتل بالجملة رمياً بالرصاص أو بالغاز الخانق أو عن طريق المجاعة إلى سوء التغذية المستمر، مع فرض أشغال متوالية فوق الطاقة البشرية، إلى الحرمان من العناية الطبية والجراحية وفرض عقوبات وحشية، إلى التعذيب بكافة أشكاله، ويشمل الكي بالنار ونزع الأظافر والعمليات التجريبية على الكائنات البشرية الحية. هذا بالإضافة إلى الأعمال الأخرى التي اعتدي بها على حرية الأفراد وأموالهم؛ كإبعاد السكان ونقلهم بالجملة من بلادهم، وكتعبئة العمال جبراً للعمل في ألمانيا، وكحمل السكان المدنيين على ترك وطنهم للعمل في مجهود الحرب الألماني وغير ذلك. وكان من الطبيعي أن يتجه الاهتمام بعد انتهاء الحرب إلى إنزال العقاب أولاً بالمسؤولين عن هذه الجرائم، وقد تم ذلك بعد محاكمات أجريت في جميع البلاد التي كانت مسرحاً لها، وفي محاكمة رئيسة تناولت كبار رجال الحكومة النازية، محاكمة نورمبرج، واتجه الاهتمام ثانياً إلى إيجاد الضمانات الكفيلة بحماية حياة الإنسان وحريته وحقوقه من مثل هذا العبث في المستقبل. وقد مهد لذلك ميثاق الأمم المتحدة حينما ذكر في ديباجته أن: (شعوب الأمم المتحدة تؤكد إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد)، ونص في مادته الأولى على أن تعمل هيئة الأمم المتحدة على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وبلا تفريق بين الرجال والنساء، ثم تكرر بعد ذلك النص على ضرورة احترام حقوق الإنسان عند الكلام عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وعلى الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي وعلى نظام الوصاية. وقد كان من نتيجة كل هذه النصوص أن أصبح من المقرر أن المسائل المتصلة بحماية حقوق الإنسان تخرج عن نطاق الأمور المتصلة بصميم الاختصاص الداخلي، وتخضع لإشراف دولي. ولتحقيق حماية إيجابية لحقوق الإنسان بدأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي بذل جهود منذ سنة 1946 للوصول إلى اتفاقات متعددة الأطراف بواسطة لجنة لحقوق الإنسان كهيئة صياغة. وفي النهاية أقرت الجمعية العامة في 10 كانون الأول سنة 1948 (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) دون معارضة وبامتناع ثماني عن التصويت (الكتلة السوفيتية ويوغسلافيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا)، وانطوت الخطوة التالية على وضع صيغ المعاهدات عرفت باسم (العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية). تبنت الجمعية العامة الوثائق الثلاث التي تمثل في الواقع تحقيق (القانون الدولي لحقوق الإنسان)، ومنذ أن تبنت الجمعية العامة هذه الوثائق عام 1966 والأمم المتحدة مستمرة في اعتماد الصكوك الدولية المتعددة الأطراف والمتعلقة بحقوق الإنسان.

 
:الفهرس
 
:الكتب ذات العلاقة
 
:كتب المؤلف